رؤيا الكامبوس الجديد

الكامبوس الجديد هو الخطّة المركزيّة لجهاز التعليم العالي في إسرائيل في السنوات الخمس الحاليّة (2017-2022)، ويعبّر تطبيقها عن نظرة نقدّية تجاه الجهاز بأكمله، وعن الإدراك أنّه -وبجوار الإنجازات الهائلة في الأبحاث والتدريس-حريّ بجهاز التعليم العالي أن يتعامل مع التحوّلات العالميّة في حقل التعليم العالي، وأن يتكيّف معها. التغيير المركزي مردّه ثورة الانترنت التي تؤثر تأثيرا هائلا على عالم الدراسة في جميع المراحل، وعلى منهجيّات البحث، وعلى عالم التشغيل، وعلى سِنّ الدراسة بسبب اختفاء مهن معينة وظهور مهن أخرى. وكذلك على سهولة نقل العارف بين حقول معرفيّة مختلفة، وبين المؤسسات في الدولة وخارجها، وما إلى ذلك.

تتناول رؤيا الكامبوس الجديد مكوّنات مختلفة تخلق مجتمعة حرمًا جامعيًا يتفاعل مع مستجدّات الواقع، ويشجع الانفتاح وريادة الأعمال، ويعمل على إزالة الحواجز بين الطلبة والهيئات التدريسيّة، وبين الكليّات والأقسام المختلفة داخل المؤسّسة الواحدة، وبين المؤسّسات الأكاديمية والصناعة.

 

النهوض بالتعلّم الرقميّ ( ديجيتال)

في السنوات الأخيرة بدأت تتسع رقعة المساقات (الكورسات) الرقميّة بأنواعها المختلفة، ومن بينها المساقات الأكاديميّة المعدّة لشرائح سكانيّة مختلفة غير فئة الطلبة العادية التي تطرق أبواب المؤسّسات الأكاديميّة.

الدافع الأساسي لدى مجلس التعليم العالي/ لجنة التخطيط والموازنة للنّهوض بموضوع التعلّم الرقميّ في التعليم العالي هو أنّ استخدام المساقات الأكاديميّة الرقميّة يشكّل أداة مهمّة لتحسين جودة التدريس، وتوسيع مناليّة التعليم العالي أمام جميع الشرائح السكانيّة، وتعزيز مكانة المؤسّسات الأكاديميّة الإسرائيلية في العالم.

يحمل التعليم الرقميّ في طيّاته الكثير من الإيجابيّات-للمؤسّسات الأكاديميّة وللطّلبة ولأعضاء الهيئات التدريسيّة ولدولة إسرائيل بعامّة، ويطرح أسئلة جوهريّة نحو: كيف سيكون شكل التّعليم العالي في المستقبل؟ ما هي الإمكانيات الجديدة والمثيرة التي تنفتح أمامنا؟ كيف يمكن استخدام الأدوات الجديدة على أفضل وجه؟ ما هي الأسواق الجديدة الناهضة، وأين سنكون بحاجة إلى عملية تنظيم علوية؟

دور مجلس التعليم العالي/ لجنة التخطيط والموازنة في موضوع النهوض بالتعليم الرقمي يتمثل بأمرين:

  • تحديد سياسات وغايات قومية؛
  • العمل مقابل المؤسّسات الأكاديميّة في مواضيع نحو التنظيم العلوي للميزانيّات، وتحريك مسارات لبناء بنى تحتيّة ملائمة، وملاءمة مضامين وسبل التدريس للعصر الرقمي، وبلورة رؤيا للتعلم الرقميّ.

في الإطار المذكور أعلاه، صدرت سلسلة من الدعوات للمؤسّسات الأكاديميّة كي تقوم بإنتاج وتحميل مساقات أكاديميّة رقميّة إسرائيليّة على المنصة الدوليّة edX.org، وعلى المنصّة المحليّة ” كامبوس” بتمويل مشترك من قبل “إسرائيل الرقمية” المسؤولة عن النهوض بالنموّ الاقتصاديّ وتقليص الفجوات الاجتماعية، و” الحكومة الذكية” وبرنامج “تحسين الخدمات للمواطن”. في المستقبل ثمة نية لبناء مسار دعم إقامة منظومات للتعلم الرقميّة في مؤسسات التعليم العالي بما يشمل تشجيع المؤسّسات على وضع استراتيجيّة لتطوير المجال بحيث يتلاءم مع غياتها الأخرى.

 

تركيبة الطلبة في الكامبوس الجديد

الدراسة الرقمية ستغير -على ما يبدو-تركيبة الطلبة في الجامعات، ولن يتّسع المكان فقط لطلبة في سنوات العشرين الذين يصلون إلى الجامعة لاكتساب المعرفة والمهن التي سيعملون فيها طوال حياتهم. الثورة الرقميّة (الديغيتالية) تتميز بأنّ سوق العمل يتغير وينزع الناس إلى تبديل أماكن العمل وتنويع مجالات الانشغال. سيمكّن الكامبوس الجديد الناس في سن أكبر من الحصول على شهادة أكاديمية في سبيل اكتساب المعرفة، أو تغيير مجال العمل.

الكامبوس الجديد هو الفضاء الذي تتحقّق فيه الآمال الإسرائيلية للّقاء بين جميع الشرائح السكانيّة، ويساعد المكوث المشترك فيه على تعميق الفاهم بينها.

من هنا سيضّم الكامبوس الجديد طلبةً وطالبات من جميع التيّارات والمجموعات السكانيّة، وشبانا في بداية مشوارهم، إلى جانب طلبة أكبر سنا يدرسون في سبيل بناء مسيرة مهنيّة جديدة، وصولا إلى طلبة مسنين يرغبون في تعميق معارفهم العلميّة وإثراء معلوماتهم.

 

النهوض بريادة الاعمال ونزعة التحديث

في دولة إسرائيل تسود روح ريادة الأعمال والتجديد، لكنّ المؤسّسات الأكاديميّة وحتى الآونة الأخيرة لم تعتبر هذه المكونات جزءا منه نشاطها ومن مناهجها التدريسيّة المختلفة. رؤيا ” الكامبوس الجديد” تعسى إلى إتاحة عالم ريادة الاعمال والتجديد أمام الطلبة وأفراد الطواقم من جميع الحقول المعرفيّة، كما الأمر في خيرة المؤسّسات الأكاديمية في العالم. “الكامبوس الجديد” سيمكّن الطلبة الجامعيين من خوض تجربة تعليميّة نشطة يستطيعون فيها تعميق انغماسهم في الحياة الأكاديميّة من خلال تحويل المؤسّسة إلى فضاء يستطيعون فيه تحقيق أفكارٍ ومبادرات رياديّة.

وفق هذا كلّه قام مجلس التعليم العالي بتعميم دعوة تنافسيّة في نيسان 2018 لإقامة مراكز ريادة أعمال في الجامعات. وعلى ضوء الإعلان عن الفائزين بالأماكن الثلاثة الأول في مؤتمر التعليم العالي في شهر تشرين الثاني من العام 2018، تقام في هذه الأيام مراكز ريادة أعمال وتجديد في القدس (تجمّع JLM Impact التابع للجامعة العبرية، وكلية بتسالئيل، وكليّة عزريئيلي للهندسة، وفي تل أبيب-رمات غان ( تجمّع جامعة تل أبيب وكلية شنكار)، وفي حيفا ( التخنيون).

وبفضل التعاون مع وزارة المساواة الاجتماعيّة تمكّن مجلس التعليم العالي/ لجنة التخطيط والموازنة من منح الدعم لإقامة مراكز ريادة أعمال وتجديد في تسع مؤسّسات إضافيّة للتعليم العالي ومن بينها: جامعة بن غوريون، وكلية سابير، وجامعة بار أيلان، وكليّة أفيكا، وتجمّع جامعة حيفا، وكلية تل حاي، وكليّة اورط-براودا، والمعهد التكنولوجيّ حولون، وجامعة هاريئيل. بعامّة يتمثّل هدف البرنامج في تمكين الطلبة الذين يدرسون مجالات مختلفة من الحصول على تدريب في مجال ريادة الأعمال والمشاريع، والعمل سوية مع المحاضرين والباحثين بمساعدة مدرّبين مهنيّين من أجل النهوض بمشاريع مهمّة وذات تأثير في المجتمع الإسرائيليّ.  ستساعد مراكز المبادرات والمشاريع على تحويل الحرم الجامعي إلى إيكو-سيسْتم ملاءَم لعالم التجديد، والذي يشجع الروح الخلاقة والابتكار، ويزيل العوائق، ويربط بين المؤسّسات الجامعية والقطاع الصناعي.    

 

دراسات متقاطعة التخصّصات في الكامبوس الجديد

احتياجات الاقتصاد تتغيّر، ويبحث القطاع الصناعي عن أفراد يتحلّون برؤية واسعة ويدركون كيف يمكن العمل ضمن شراكات، ويستطيعون توفير الحلول لنطاق واسع من المجالات.

سيحافظ الكامبوس الجديد على حقول المعرفة القائمة منذ عشرات السنين لكنّه سيعمل على إزالة الحواجز بين الكليّات والأقسام المختلفة وسيشجّع على خوض تجربة الدراسة متقاطعة التخصّصات. رؤيا الكامبوس الجديد تتميّز ببرامج كثيرة لدراسة موضوَعيْن من خلال توليفات جديدة ومتنوّعة تدمج بين حقول معرفيّة مختلفة. هكذا على سبيل المثال يتعلّم طلبة العلوم التعمّق في العلوم الإنسانية والمجتمع، ويتعرّف طلبة العلوم الاجتماعيّة والإنسانية على مواضيع علميّة.

 

تعزيز دَوْليّة في التعليم العالي

من الضروري أن يضمّ الحرم الجامعيّ المستقبليّ طلبةً من جميع أرجاء العالم. ويسعى مشروع الدَوْليّة إلى خلق بنية تحتيّة في مؤسّسات التعليم العالي في سبيل تحقيق هذا الهدف. تعزيز الدوليّة يرفع مستوى المؤسّسات الأكاديمية الإسرائيليّة ويعزّز قدراتها التنافسية من خلال استيعاب طلبة متفوّقين من خارج البلاد، وتعزيز الصيت الدولي للمؤسّسات الإسرائيلية. علاوة على ذلك، ثمّة أهميّة لتعزيز دوليّة التعليم العالي بكلّ ما يتعلّق بالأبعاد السياسيّة (بناء علاقات دبلوماسيّة مع دول أجنبيّة)، والاجتماعيّة والاقتصاديّة، وكذلك بالأبعاد الصهيونيّة المتّصلة بفتح المؤسّسات الأكاديميّة أمام يهود العالم، وتحويل إسرائيل إلى منارة أكاديميّة.

يظهر من بيانات لجنة التخطيط والموازنة أنّ نسبة الطلبة الدوليّين الذين يدرسون في إسرائيل لا تتعدى 1.4%، وهذه النسبة متدنّية للغاية مقارنةً بالمعدّل في دول OECD الذي يصل إلى نحو 6%. النّسبة المتدنّية للطّلبة الدوليّين تنبع-فيما تنبع – من صعوبات في اللغة، لأنّ معظم التدريس في مؤسّسات التعليم العالي في إسرائيل يحصل باللّغة العبرية، وثمّة عراقيل مردّها أنظمة الدولة المتعلّقة بالتأشيرات وتصاريح العمل لأزواج الطلبة، الأمر الذي يحدّ من قدرة المؤسسات على فتح أبوابها أمام الطلبة الأجانب.

في إطار البرنامج تحدّدت غايات كميّة لاستيعاب الطلبة الدوليين ويتوقّع بحسبها أن يدرس نحو 24,000 طالب دوليّ في إسرائيل مع حلول العام 2022، مقابل نحو 11,000 طالب دوليّ درسوا فيها في العام 2017.

 

رؤيا ” العلم المفتوح (Open Science) في عصر السحابة

الانتقال إلى منهجيّة ” العلْم المفتوح” (Open Science) يشكّل جزءا من نزعة عالمية تقضي بإتاحة البحث العلميّ للجميع: للباحثين الأكاديميّين المدفوعين برغبة المعرفة، والباحثين في الصناعات والمنظمات خارج المؤسّسات الأكاديمية الذين ينغمسون في مجال الأبحاث التطبيقيّة، والجمهور الواسع المهتم. ” العلْم المفتوح” يشمل جميع مراحل البحث العلميّ، بدءا من تجميع البيانات، وتحليلها، وصولا إلى مرحلة النشر. في مرحلة تجميع البيانات يدور الحديث عن تشارك المعلومات (data sharing) من خلال استخدام تقنيّات السحابة الآخذة بالاتساع، والتي تمكّن الباحثين من تقاسم القياسات بدءًا من التجربة الأولى، من خلال الفهم بأن النتائج التي لا يوليها هذا الباحث أهمية قد تكون ذات قيمة عالية بالنّسبة لباحث آخر.

في مرحلة معالجة وتحليل البيانات يدور الحديث عن إتاحة واسعة وسريعة لمنهجّيات وأدوات بحث مبتكرة لصالح حقول معرفيّة متقاربة وأخرى متباعدة. في مرحلة النشر يدور الحديث عن الانتقال إلى إمكانية وصول مفتوحة (open access) تمكّن من تعميم نتائج البحث بطريقة متساوية وسريعة: عملية تقييم الزملاء تجري بطريقة شفافة، وحتى بعد النشر في بعض الأحيان، ولا يمنع الوصول إلى البحث المنشور بسبب رسوم الاشتراك باهظة الثمن. تمكين التشارك على هذا النحو، وكذلك في مراحل تجميع البيانات وتحليلها، هذا التمكين يعزز البحث الإنجازات العلمية الجماعية.

 

- موقع مجلس التعليم العالي

مشاركة:

مواد مختارة

المحاضرات

تقنيات التفكير الايجابي

تقنيات التفكير الايجابي اطلقت مؤخرا جمعية المعالي للتوجيه الأكاديمي والمجتمعي مبادرة تطوعية ... إقرأ المزيد

المدرسة الرقمية