الدكتوراة: رحلة مع القِيّم، الفكر والتحديات إلى مستقبل مجهول

الدكتوراة: رحلة مع القِيّم، الفكر والتحديات إلى مستقبل مجهول

بقلم/ أشرف بريق

مع الارتفاع الملحوظ في عدد طلاب وطالبات الدكتوراة في مجتمعنا، اود مشاركتم ببعض العبر عن هذا الموضوع، كوني قد عشت حيثيات هذه التجربة كطالب، وكمرشد اكاديمي ل 15 طالبا في هذه الدرجة—رافقتهم في رحلتهم الطويلة واليوم يشغلون مناصب في المؤسسات الاكاديمية والشركات المختلفة. 

يختلف الطلاب من حيث الاهداف والدوافع التي تكون وراء خوضهم لهذه التجربة. لا شك ان اقواهم من تكون دوافعهم تهدف الى ترك اثر حقيقي وواضح، عبر طرح نظريات جديدة واكتشافات ذات اهمية في مجال ابحاثهم. وهم من يعملون على الالتحاق في افضل الجامعات المحليه والعالمية ويعملون كل جهد ليكونوا تحت ارشاد افضل الباحثين دون الخوف من الصعوبات والتحديات التي ستواجههم— وهي جمة. وهذا النوع يسعى ليكون في مناخ اكاديمي من الدرجة الاولى، به الكثير من الفكر الحر، الابداع، والعصف الذهني، لينمو فكريا ومهنيا وليكون يوما ما يريد، مبدعا ، مؤثرًا وناشطا في مجاله. 

ومنهم من تكون دوافعهم اللقب نفسه وتزيين اسمه ب "د." ، وليس من اجل الفحوى وحب المعرفة، وغالبا ما لا يكون لذاك اثر يُذكر على الفرد ومن حوله، سوى ارتفاع في منسوب "الايچو" عنده! ومنهم من يكون دوافعه لتحسين ظروف عمله وهو امر مهم وقد يكون احيانا ضروريًا. وفي مثل هذه الحالات، احيانا لا يأبه الطالب بمكانة الجامعة والمرشد الاكاديمي…مما يصعب ان يكون لاطروحاتهم اثر واضح على مجالهم الخاص. 

وتأتي الصعوبات خلال فترة الدكتوراة من حيث لا  تدري! جزءًا منها يتعلق بالمرشد الاكاديمي ومدى مهنيته وشفافيته وقيّمه العالية وطريقة تعامله وعمله وتجاوبه واهدافه ومكانته في مجاله وامور اخرى. ولا يكون للطالب المقدرة على تغيير ذلك وما عليه، غالبا  إلا ان يتلائم مع فريق العمل قدر المستطاع. وقسما اخر  يأتي من زملاء الفريق نفسه من حيث تصرفاتهم ودوافعهم ومخططاتهم التي قد تخلق صدامات ترهق الفرد وهو امر طبيعي، لكن للمرشد دور كبير في حلها. واخرى قد تكون في القدرة على حدوث اختراق مهم في البحث المخصص له. وكلما كانت الاسئلة المطروحة للبحث ذات اهمية عالية واثر كبير ،ما لو نجح البحث، يكون الاحتمال اكبر في ان تصطدم بعقبات وطرق مسدودة قد تصلك الى حد اليأس. 

وخلال ذلك كله على الطالب ان  يكون ذو قدرة على الصمود والاستمرارية وان يبقى محافظا  على ثوابته وقِيّمه العليا في تفاعله مع بيئته . وان يعي تماما ان للافعال والاقوال عواقبها. كم من طالب صادفت قد حطم ما بناه حين قادته العاطفه وعمى البصيرة وليس ارشاد العقل والحكمة. والقيّم تشمل الدقة في تقريرك عن نتائج بحثك وعدم محاولة باي صورة كانت المسّ بها، مهما كانت مخيبه وغير مرغوبة. فمصداقية النتائج التي ينشرها الباحث هي كل ما يملكه التي عاجلا أم آجلا ستظهر حقيقتها.  ولا بد من وضع الامور في نصابها والوضوح حين يتعلق الامر باسماء المؤلفين الذين تظهر اسمائهم على مقالتك التي تتعلق ببحثك دون "صفقات" مع مرشدك او زميلك، لا تخدمك ولا تخدم عالمنا البحثي على المدى البعيد، الذي اساسه النزاهة والشفافية. 

رحلة الدكتوراه ان تم التخطيط لها جيدا  وتكون مدفوعة بحب المعرفة، وزيادة في الثقافة العامة والرغبة في طرح النظريات وتحقيق الاكتشافات قد تصبح من اروع التجارب التي نخوضها. وهي فرصة لا تمنح إلا للقليل لخوضها في الاماكن المرموقة. ورغم ما يتخللها من صعوبات وتحديات، لكن ايضا يمكن ان تعيش خلالها لحظات جميلة جدا وقد تكون عظيمة لتبقى مغروسة في ذاكرتك حتى فراقك لهذه الدنيا. رحلة تكون بدايتها واضحه، لكن لا يمكن ان نعرف اين ستأخذنا وأي باب قد تفتح  لنا على مصراعيه لندخل الى عوالم شيقة وجديدة ولحياة افضل. لكن من يخوضها كتجربة حقيقة سيكون بالتاكيد انسانا اخر عما هو  عنه عند البدايات. فالتجربة  خصصت لتنتج انسانا محبا للمعرفة، يصمد امام التحديات ويتعامل معها بتفكير نقدي، شمولي وعقلاني ويتدرب على بناء البرامج والاستراتيجيات لمشاريع كبرى… وليس فقط ليكون متمرسا في اختصاصه ومجاله. 

 

 

هاش تاجز:
#اشرف بريق
مشاركة:

مواد مختارة

بسيخومتري

جمعية المعالي تفتتح دورة بسيخومتري لطلاب الصف السابع في مدرسة التسامح الإعدادية

جمعية المعالي تفتتح دورة بسيخومتري لطلاب الصف السابع في مدرسة التسامح ... إقرأ المزيد

أخبار الجمعية

عضوة الجمعية نور محاميد، تقدم محاضرة بموضوع الانتماء

بدات لجنة المحاضرات في جمعية المعالي للتوجيه الاكاديمي والمجتمعي، بتنظيم المحاضرات ... إقرأ المزيد

المدرسة الرقمية